الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
الخرطوم: محمد أحمد الكباشي
شهدت مدينة عطبرة صباح امس احداث عنف وتخريب طال عدداً من المحال التجارية داخل السوق الكبير، قبل ان يمتد الى عدد من المواقع من ضمنها الميناء البري الذي شهد هو الآخر حالات نهب وتخريب واعمال عنف واعتداءات طالت ابرياء من المارة على الطريق او من هم قادمون من السفر عبر الميناء البري، وعاشت مدينة عطبرة بتلك الاحداث ساعات عصيبة وموجة من الذعر والخوف وسط الاحياء المجاورة للسوق الكبير والميناء البري وحتى الاحياء المجاورة للحي، وهو حي الوحدة الكائن شرق المدينة الذي انطلقت منه شرارة الاحداث، فما هي الاسباب التي قادت الى هذه الاحداث التي لم تألفها مدينة عطبرة على مر السنين، وهي المدينة التي عرفت بتماسك نسيجها الاجتماعي وقبول الآخر.. (الإنتباهة) تابعت الاحداث وخرجت بهذه الحصيلة:
جريمة قتل
خلال الايام الماضية تصدرت عدد من المواقع اخبار حوادث قتل بمدينة عطبرة، كان آخرها مقتل تاجر وحرق متجره، وهي الجريمة التي هزت اركان عطبرة، الا ان الشرطة وفي وقت وجيز استطاعت فك طلاسم الجريمة بعد ان القت القبض على القاتل وايداعه الحراسة وبدء التحري معه، ولم تكد احداث هذه الجريمة تغيب عن مجالس المدينة حتى اخذت تتحدث كثيراً عن نشاط حالات الاجرام والسرقات الليلية داخل الاحياء والنهب داخل السوق الكبير وارتفاع نسبة البلاغات اخيراً، وعلى ضوء ذلك باشرت الشرطة دورها في البحث عن احد الجناة على خلفية بلاغ تحت المادة (174).
المتهم والشرطة
صبيحة الاحد الماضي تلقى عدد من افراد المباحث بعطبرة تعليمات للقيام بمهمة البحث عن احد الجناة والقاء القبض عليه في بلاغ تحت المادة (174) الخاصة بالسرقة، وتحركت السيارة التي كانت تقلهم الى شرق المدينة بحي الوحدة حيث يوجد المتهم هناك، فلم ينصع لاوامر الشرطة وشرع في الاعتداء على احد الافراد بطعنه بسكين وضعته في حالة خطرة، وهو الاعتداء الذي جعل زميل رجل الشرطة يعاجل المتهم باطلاق النار عليه، ومن ثم حمله الى مستشفى عطبرة قبل ان تفيض روحه هناك .
وعلى الفور حمل جثمان الفقيد الى مشرحة عطبرة، الى جانب اربعة آخرين اصيبوا بجراح وذلك لاسعافهم، وما هي الا لحظات حتى تدافع المئات صوب مستشفى عطبرة، وبصورة عشوائية هاجموا المستشفى واحدثوا بها خسائر في المعدات والاجهزة، ومن هنا انطلقت شرارة العنف لتنطلق الى مواقع اخرى .
موجة غضب
وطبقاً لشهود عيان تحدثوا لـ (الإنتباهة) فإن مواطنين من حي الوحدة بعطبرة هاجموا مبنى شرطة المباحث وأحرقوا سيارات احتجاجاً على سقوط قتيل منهم في مطاردة نفذتها عناصر المباحث، وتمكن المحتجون من إحراق جرار أمام المبنى الواقع في وسط المدينة و (موتر)، قبل ان يتجهوا الى مواقع داخل السكة حديد التي تعرضت ايضاً للنهب والحرق .
وسارت الاحداث وتطورت بصورة اعنف داخل سوق عطبرة الكبير، بينما اضطر التجار في أسواق المدينة إلى اغلاق محالهم التجارية تخوفاً من انحراف الاحتجاجات الى أعمال نهب في ظل قلة الانتشار الشرطي والأمني.
وابلغ شهود عيان (الإنتباهة) بأن حالة من التذمر والغضب انتقلت الى كافة المواطنين بعد عمليات التهديد والارهاب من قبل متفلتين بعد مقتل مواطن في شجار مع أحد افراد المباحث.
حرق مكتب المباحث
ولم تتوقف عمليات النهب والسلب التي طالت المحلات التجارية، حيث اقدم المهاجمون على حرق مكتب مباحث عطبرة الى جانب سيارة مدير المباحث، فيما اطلقت الشرطة اعيرة نارية لتفريق المهاجمين في أنحاء من المدينة، وكشف شهود عيان لـ (الإنتباهة) ان بعض المهاجمين اطلقوا تهديدات لبعض منسوبي الشرطة الذين تصدوا للمهاجمين بقولهم: (بنلاقيكم)، واكد مصدر ــ فضل حجب اسمه ــ ان التهديدات جاءت على خلفية ان هناك منسوبين للشرطة ينتمون الى الجهة التي سيرت الاحتجاجات وحاولت الانتقام للمقتول .
حرق منزل رجل شرطة
وفي ذات الاثناء مضى المهاجون في البحث عن منازل بعض منسوبي الشرطة، وقد حطت رحالهم بحي الموردة، وقاموا بحرق منزل أحد أفراد المباحث وترويع المواطنين بحي الموردة اثر احداث قتيل حي الوحدة بعطبرة، وهي الحادثة التي كادت تؤدي الى كارثة بحي الموردة لولا تدخل كثير من المواطنين الذين اسهموا في الحد من انتشار النيران وانقاذ حياة الاطفال والنساء.
واعمال العنف والتخريب طالت العديد من المحال التجارية، وكان الميناء البري هدفاً رئيساً للمهاجمين، وبحسب شهود عيان تحدثوا لـ (الإنتباهة) فإن مئات المتفلتين انتشروا وهاجموا المحال التجارية التي تقع بالقرب من الميناء البري، وهم يحملون السواطير والسكاكين وغيرها من الاسلحة البيضاء، فكانت النتيجة عمليات نهب واسعة وتخريباً للمحال التجارية. ويقول المواطن محمد عثمان صاحب بقالة بالميناء البري: (لم اشهد مثل هذه الحالة من الذعر والخوف الذي انتابنا ونحن نشاهد هؤلاء المعتدين يهاجموننا بالاسلحة البيضاء، ولم نملك اي شيء للدفاع عن انفسنا، فما كان منا الا ان انسحبنا من مواقعنا وقمنا باغلاقها، ولم يكن امامنا غير الاستجابة لهم، ومن ثم قاموا بنهب البقالة، ولم تسلم حتى المبردات من التخريب)، مبيناً انه يملك ثلاث ثلاجات قاموا باتلافها وبعثرة المشروبات الغازية وتخريب المعروضات وسرقة مبلغ مالي تجاوز ألفي جنيه .
ومن جانبه يقول محمد كمال تاجر في الميناء البري، ان مجموعة من الشباب يحملون السواطير قاموا بتهديده ونهب متجره وحمل كل ما خف وزنه وغلا ثمنه، وحمل محمد كمال الاجهزة الامنية مسؤولية التصدي لمن وصفهم بالمجرمين، وقال ان ما تعرضوا له من ارهاب وضع حالة الامن التي ظلت تعيشها مدينة عطبرة على المحك، واضاف قائلاً: (الخسائر كبيرة فمن يعوضنا؟).
وفي تعليقه على ما شهدته عطبرة، حذر الناشط ياسر عبيد الله في حديثه لـ (الإنتباهة) من موجة انتقام مقابل الذي تعرض له كثير من المواطنين والتجار، وقال انه لا ذنب لهم ولا علاقة لهم بالحادث، واضاف ان ما شهدته عطبرة لم تشهده من قبل، وقال: (ان الحدث عبر عن الوضع الامني والهشاشة التي تعيشها المنطقة)، واشار الى ارتفاع جرائم القتل في الآونة الاخيرة .
وبعد مرور اكثر من ثلاث ساعات بدأت الاوضاع تعود الى طبيعتها، بالرغم من حالة الخوف التي انتابت كثيرين من تجدد الاحداث، غير ان الاجهزة الامنية بدأت في السيطرة على الاوضاع وانتشرت بكثافة في عدد من المواقع، وبالتالي اخذ الهدوء يعود الى المدينة .
الشرطة توضح
وحاولت (الإنتباهة) الحصول على مزيد من المعلومات عبر الشرطة، فاتصلت بمدير شرطة الولاية اللواء شرطة خالد حسان الذي اعتذر بقوله انهم بصدد اصدار بيان، فكان ان اصدرت الشرطة بياناً انتظره المواطنون كثيراً لكشف تفاصيل الاحداث، حيث جاء في بيان الشرطة ان قوة من فرعية المباحث والتحقيقات الجنائية بمدينة عطبرة بتاريخ الاحد 10/ يناير /2021م عند الساعة السادسة والنصف صباحاً، قامت بمهمة لتنفيذ أمر تفتيش وقبض صادر عن جهات الاختصاص على متهمين تحت المادة (174ق.ج) بقسم شرطة عطبرة، حيث ألقت القبض على متهمين اثنين .
واضاف البيان ان باقي القوة ظلاً مرابطاً لتنفيذ أمر القبض على المتهم الثالث، وتجمع عدد من المواطنين أمام منزله, وكشف البيان عن وقوع اشتباك ومقاومة للقبض من قبل المتهم والمواطنين، وعندها قام المتهم باستخدام القوة الجنائية لمقاومة القبض، وسدد طعنة بسكين للمساعد شرطة/ علي عكاشة في بطنه (حالته خطرة)، وإصابة عدد من أفراد القوة. واضاف البيان انه إزاء هذا التصعيد غير القانوني قامت القوة بإنفاذ ما يمليه عليها القانون في هذه الحالات، مع تقدير الموقف الميداني باطلاق الرصاص، مما ادى لوفاة المتهم وإصابة أربعة مواطنين تم اسعافهم. ووصف البيان الأحداث بالمؤسفة، مشيراً الى تجمهر أعداد من أهالي المرحوم وبعض المواطنين، وقاموا باتلاف عربة مباحث الولاية وعربة ثانية لمواطن، بينما توجهت مجموعة أخرى إلى مقر المباحث الجنائية بغرض إتلاف المقر ومحتوياته .
وابدت الشرطة اسفها لوقوع ضايا، وحذرت في ذات الوقت من مثل هذا السلوك، واكدت انه يقود لمآلات غاية في الخطورة، حيث مقاومة الإجراءات القانونية والتعدي على جهات إنفاذ القانون، بل محاولات الشروع في قتل أفراد القوات المكلفة بعمل قانوني سيقود حتما إلي اللجوء إلى أخذ الحقوق بالقوة بواسطة المواطنين، وبالتالي إشاعة الفوضى وانفراط عقد الأمن بشكل كامل .
وتعهدت الشرطة بأنها ستقوم بانفاذ القانون وفق ما هو منصوص عليه، وتجدد تحذيرها بأن المساس بالمقار والممتلكات ينبغي ألا يكون هدفاً لاي شخص أو مجموعة، لما فيه من إهدار حقوق المواطنين وممتلكاتهم، فضلاً عن إطلاق المتهمين بالحراسات الذين ينتظرون منصات العدالة، وسيتم التعامل بكل حسم مع أية مظاهر لهذه التفلتات، وأشارت الى أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه هذه الأحداث.
The post أحداث عطبرة.. التفاصيل الكاملة appeared first on الانتباهة أون لاين.