الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل

فى السادس من يناير الجاري.. حبس الداخل الأمريكي و العالم انفاسه على اثر اقتحام انصار ترامب.. بتحريض منه في خطاب استفزازي.. مبنى الكنغرس الأمريكي.. في حادثة عنف و همجية و بربرية هى الأولى من نوعها طيلة تاريخ ٢٤٠ عاما من ديمقراطية راسخة في الولايات المتحدة الأمريكية… مدفوعا بحالة من اليأس و الإحباط.. لفقدانه مقعده في البيت الأبيض.. و لسقوط اكثر من ٥٠ من دعاوى رفعها امام القضاء متهما الانتخابات تارة بالسرقة و تارة أخرى بالتزوير.. فضلا عن تزامن هذا الحادث.. الذى وصفه الرئيس المنتخب بايدن و اغلبية الساسة و المشرعين… من كلا الحزبين. بانه تمرد و انقلاب على الديمقراطية. فقد تزامن هذا الحدث مع ضربة قاضية أيضاً للحزب الجمهوري في انتخابات جورجيا.. حيث فاز الحزب الديمقراطي بكلا مقعدى الاعادة لمجلس الشيوخ… الامر الذي مكن الحزب من السيطرة التامة على الجهازين التنفيذي و التشريعي.. و مغادرة ترامب و حزبه الجمهوري واشنطن بخفى حنين… نحجت السلطات الأمنية في اخلاء مبنى الكنغرس و تفريق المتظاهرين بعد ان قتل منهم خمسة أشخاص من بينهم ضابط في الشرطة و جرج ثلاثة آخرين.. حاول ترامب ان يتنصل من مسئوليته المباشرة و انتقد المقتحمين الامر الذي أثار السخرية.. اذ انه تنصل عن مسئولية حادث هو الذى كان المحرض…و عمل خط رجعة حيث وعد بانتقال سلس للسلطة في ٢٠ يناير المقبل…. على كل اثار هذا الحادث غضب الجميع في كلا الحزبين حيث قرر الكثير منهم معاقبة ترامب و وضعوه أمام خيارين اما الاستقالة لنائبه باعمال ما عرف بالتعديل ٢٥ الذى ينص على استقالة الرئيس في حالة عدم قدرته على أداء مهامه و لأسباب اخرى.. خاصة تحريضه على تقويض الدستور و الإنقلاب على الديمقراطية… او العزل من قبل البرلمان… لكن من المؤكد انه نسبة لضيق الوقت حيث تبقى له عشرة أيام
في البيت الأبيض كما ان بعض الساسة و المشرعين حذروا من مغبة مثل هذه الخطوة و ان من شأنها ان تزيد من الانقسام في امريكا…
فى الرابع عشر من ديسمبر الجاري صادقت الكليات الانتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية رسميا على فوز بايدن على منافسه ترامب في الإنتخابات الرئاسية… الأمر الذى جعل الرئيس الروسي بوتين أن يهنئ بايدن للمرة الأولى بعد رفض أن يفعل ذلك كما فعل تقريبا كل قادة العالم.. حيث انتظر ريثما يتم الإعلان الرسمي لفوز بايدن… و لعل أكبر ضربة وجهت لحملات ترامب الانتخابية.. و بعد أن تم معظم اسقاط الدعاوي القضائية المشككة في نتائج الانتخابات الرئاسية… و فى هذا المقال نتناول لهم معالم النظام الانتخابي في أمريكا..
و لعل من اسباب توقيع ترامب الأحد الماضي لقانون الاعتمادات المالية الفيدرالية الخاص بمواجهة تداعيات جائحة كرونا و الذى تضمن تشريعا ينص على إعادة الحصانة السيادية للسودان… بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. هو من ناحية.. الارهاصات بأنه سوف يخوض انتخابات ٢٠٢٤..و خشى من غضب الشرائح الضعيفة المستفيد الأول من هذه الاعتمادات من جهة.. بالرغم من هجومه على قيادات حزبه الجمهورى التى لم تسانده في عشرات الدعاوي القضائية التي رفعتها حملته متهمتا الانتخابات بسرقة الأصوات و التزوير و لم يقر بفوز بايدن… إلا أنه خشى أيضا أن تؤثر سلبا تحفظاته على توقيع القانون على التنافس المحتدم في ولاية جورجيا بين الحزبين لكسب مقعدى مجلس الشيوخ هناك… سيما و ان فاز الحزب الديمقراطي بهما سيهيمن في هذه الحالة على البيت الأبيض و على الكونغرس. و سيخرج الحزب الجمهوري الذى يتمتع حاليا بالأغلبية في مجلس الشيوخ.. لان الديمقراطي سيحصل على نفس مقاعد الكنغرس مناصفة مع الحزب الجمهوري اى ٥٠ مقعدا لكليهما.. لكن كفة الديمقراطي سترجحها هاريس كمالا نائبة الرئيس المنتخب بايدن بحكم منصبها رئيسا لمجلس الشيوخ…
و ما يهمنا في السودان… كيف ستكون علاقة الإدارة الجديدة مع السودان على صعيد العلاقات الثنائية و العقوبات الاقتصادية و على رأسها وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب و التطبيع مع إسرائيل فى ظل قرار ادارة ترامب برفع السودان من القائمة و رعايتها للتطبيع مع إسرائيل…فضلا عن المتغيرات التي ستحدث خلال ولاية بايدن فيما يختص بالسياسة الخارجية و ما اسميه بقطيعة عن سياسة ترامب في عدد من الملفات.. اهمها العلاقة مع إيران و الاتفاق النووي لعام ٢٠١٥. العلاقات مع دول الخليج و الشرق الأوسط بصفة عامة.. و انسحاب ترامب من عدد من الاتفاقيات و المنظمات الدولية و على راسها اتفاقية خمسة زايد خمسة مع ايران النووية… اتفاقية بارس عن التنوع المناخى.. منظمة الصحة العالمية.. و اليونسكو و غير ذلك من قررات ترامب الاحادية و على راسها ما اسماه بصفقة القرن التى صاغها صهره مستشاروه و على راسهم صهره اليهودى كوشنير..
من منظور استرايجى.. فان الحزبين الديمقراطي و الجمهورى يجمعان و يتفقان على ضرورة امن اسرائيل… و ذلك في سياق المخطط الذى ابتدره هنرى كسنجر في السبعينيات و الرامى الى اعادة رسم خارطة الشرق الأوسط… بيد ان الحزبين يختلفان في الرؤى فيما يتعلق بالعملية السلمية و النزاع العربى الإسرائيلي.. من الملاحظ ان التاييد الاعمى لإسرائيل من قبل الحزب الديمقراطي بدأ في التقلص منذ الثمانينات و بدات ملامحه بصورة ماثلة للعيان ابان ولاية اوباما. ٢٠٠٩….٢.٠١٧… .على خلاف الحزب الجمهوري الذى لم يخفى تأييده التام لإسرائيل و قد بلغ هذا التأييد ذروته في عهد ترامب… و قد اشار الى ذلك نتنايهو في العشرين من الشهر الجاري ابان زيارة بومبيو لاسرائيل.. حيث صرح ان الدعم الذي حظيت به إسرائيل خلال ولاية ترامب غير مسبوق طيلة الإدارات الأمريكية السابقة… و بالفعل فقد اغدق نتياهو العطايا لنتنياهو ساعدته في حملته الانتخابية في إسرائيل.. و لعل على راسها الخطة التى عرفت بصفقة القرن…التى وصمها الفلسطينيون و العرب بصفة عامة بصفعة القرن.. لانها ادت الى جمود العملية السلمية و وأدت وقتها المبادرة العربية القائمة على الاجماع العربي و حل الدولتين و الشرعية الدولية المؤسسة على قرارى مجلس الامن الدولي ٢٤٢ لعام ١٩٦٧ و ٣٣٨ لعام ١٩٧٣…و التى تنادى بانسحاب كامل لإسرائيل من الأراضي التى احتلتها عام ٦٧ و على راسها الضفة الغربية و القدس و الجولان… و فى ازدراء تام للشرعية و القرارات الدولية.. صاغ ترامب و صهره كوشنير اليهودي الأرثوذكسي و معاونوه من الانجليين صفقة القرن التى اعطت لإسرائيل و أمريكا.. بصورة آحادية.. الحق فى رسم حدود دولة فلسطين بلجنة ثنائية إسرائيلية أمريكية….. لم يكن لاى فلسطيني مشاركة فيها..!!.. كما اقدم نتنياهو وقتها على ما سمى بخطة الضم… Annexation plan.. و التى ترمى الى ضم ٣٠ في المائة من الضفة الغربية الى إسرائيل.. الامر الذى من شأنه ان يبدد الآمال في عودة اللاجئين المنصوص عليها في كافة القرارات الدولية عن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة… هدايا اخرى من ترامب لنتياهو.. في اطار هذه الخطوات الآحادية… نقل السفارة الامريكية من تل أبيب الى القدس المحتلة… اعتراف ترامب بسيادة إسرائيل في الجولان السورية المحتلة… و انسحابه من اتفاقية إيران النووية و التى وقعها اوباما عام ٢٠١٥ و انسحب منها ترامب عام ٢٠١٨…بل سدر بومبيو في غيه.. حيث قام.. في سابقة لوزير خارجية أمريكي.. ان زار هذا الاسبوع.. مستوطنة إسرائيلية الضفة الغربية و الجولان في تاييد مطلق لسياسة الاستيطان و لسيادة إسرائيل في الجولان السورية المحتلة… و ذلك على بعد شهرين من مغادرة ترامب للبيت الأبيض… و يبدو ان بومبيو يعشعش في راسه فوز ترامب اذ صرح قبل مغادرته للمنطقة ان ( الانتقال لولاية ثانية لترامب سيتم بصورة سلسة.!!! ). و ذلك في اطار اعتقاده و ترامب فى كسب الدعاوى القضائية التى تشكك في نزاهة الانتخابات… بل بعض المحللين ذهبوا الى الاعتقاد بان تصريحات بومبيو في إسرائيل تاتى في سياق رغبته في الترشيح لانتخابات ٢٠٢٤ و ذلك من خلال تودده و تزلفه لإسرائيل…و لعل اخطر ما صرح به بومبيو و هو ان تدنس قدمه ارض فلسطين الطاهرة المحتلة.. و اشتفزازا لاهلها و ضربا بعرض الحائط للقانون الدولي الإنساني و الشرعية الدولية المنددة و الرافضة للاستيطان.. . ان الجولان جزء من إسرائيل.. ( Golan is part of Israeli).. و كذا تصريحه في نفس المكان… ( ان منظمة BDS معادية للسامية و يجب تجريمها و عدم الاعتراف او التعاون معها.) و هى حركة فلسطينية سيأتي الحديث عنها فى ثنايا هذا المقال..
انتقد في أغسطس الماضي المبعوث الأميركي الأسبق لعملية السلام في الشرق الأوسط مارتن انديك صفقة القرن وقال إنها غير منصفة للفلسطينيين وأكد على ضرورة رفض مخططات الضم الإسرائيلية وعل ضرورة انفاك حل الدولتين وأكد أن التحركات الأحادية محظورة وفق اتفاق أوسلو الذي ينص على اهمية عدم قيام أي من الطرفين لمثل هذه الخطوات..

The post السودان: الصادق المقلي يكتب: مستقبل علاقات السودان و الشرق الأوسط مع إدارة بايدن و إرهاصات التطبيع (1_2) appeared first on الانتباهة أون لاين.

About Post Author